2010م - 1444هـ
الغنوصية أو العرفانية أو المعرفية (بالإنجليزية: Gnosticism) هي مصطلحات حديثة تطلق على مجموعة من أفكار ومعارف من الديانات القديمة التي انبعثت من المجتمعات اليهودية في القرنين الأول والثاني الميلاديين. وبحسب تفسيرهم للتوراة، اعتبر الغنوصيون (أو العرفانيون) أن الكون المادي هو انبثاق للرب الأعلى الذي وضع الشعلة الإلهية في صلب الجسد البشري. ويمكن تحرير أو إطلاق هذه الشعلة عن طريق معرفتها، أي "أغنصتها".
انتشرت الأفكار الغنوصية في محيط البحر المتوسط في القرن الثاني الميلادي متأثرة بأفكار الحركة المسيحية الأولى وبنظريات الأفلاطونية الوسطى. وبدأ انتشار الغنوصية إلى الإضمحلال من دون أن تغيب وتحولت إلى عامل مؤثر غير مباشر للثقافة الغربية التي ظهرت ببزوغ النهضة والباطنية الغربيتين وبرزت شهرتها في الروحانية الحديثة. انتشرت الغنوصية في زمن الامبراطورية الفارسية حتى ظهرت في الصين على شكل الديانة المانوية وفي العراق بشكل الديانة المندائية.
والإشكال الأساسي الأكاديمي الذي يواجه الغنوصية هو ماهيتها، أهي ظاهرة عابرة لديانات متعددة أم هي ديانة بحد ذاتها؟
عندما اكتشف محمّد السمّان في عام 1945، القروي الصعيدي المصري من محافظة قنا، عن طريق الصدفة، جرّة مطمورة في الأرض أخذها إلى بيته وكسرها فوجد فيها مجموعة من الكتب القديمة، فأخذت زوجته تستعملها وقودًا في التنّور لتخبز بها، ولم يسلم من المجموعة الكبيرة سوى 13 دفترًا أصبحت اليوم تعرف في أنحاء العالم وتعدّ من أشهر مكتشفات القرن العشرين، إنها (مكتبة نجع حمادي) الغنوصية.
بدأ العلماء بدراسة "الغنوصيين" أخيرًا، إنطلاقًا من مصادرهم، فأغلب كتبهم انقرضت معهم في حوالي القرن 7 للميلاد. لكنهم بقوا بين حلقات الباحثين والعلماء، حتى قفزوا فجأة إلى واجهة الإهتمام الإعلامي، وذلك بفضل لجوء الكاتب البريطاني دان براون إلى تلك المخطوطات ليبني عليها روايته الشهيرة: "شيفرة دافنشي" (2003)، التي سرعان ما تُرجمَت إلى أكثر من 50 لغة وبيع منها أكثر من 20 مليون نسخة. وسال من الحبر ما سال، بين من صدّق بالرواية أو من وقف ضدّها، لكن كان من الضرورة أن يأتي موقف ينطلق من مصادر تعود إلى كتب الغنوصيين الأصلية، كي توضع النقاط على الحروف، وهنا بين يديك – عزيزي القارئ - واحد منها، يقول لك عن ماهية الغنوصية وتلافيفها وتشعباتها، وذلك خارجًا عن كل طابع روائي أو خيالي.
لقد فتحت إكتشافات قرية "نجع حمادي" الباب، لمعرفة أوسع بمعتقدات الغنوصيين مباشرة، وهذا الكتاب يستقي كثيرًا من تلك النصوص الأصليّة.
فيقدّم خطوطا عريضة لمعرفتهم فيبدّد ما أثارته مخيّلة الروائيين عند بعض الناس من خلط في الأمور عن تلك الحقبة من بداية المسيحية، فهذا التيار الفكري، واسع جدًا، إمتد حتى وصل الصين ومنغوليا شرقًا وفرنسا وبلغاريا غربًا عبورًا بشمال أفريقيا، واستقت منه اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقًا. أملنا اليوم أن يقوم من يهتم بهذا التيار، فيواصل العمل، ويربط بين هذا الفكر الشرقي، الذي تفاعل مع فلسفة الإغريق والديانات التوحيدية، ولم يتوفّق دائمًا في التوازن، لعلّ، لأن طابع السلبية والحزن ساد عليه، أو لأنه لم يتمكن من سبر أغوار القلق الديني فغاص في الشعور بالعزلة والغربة وكره الكون وما فيه.
كتاب
الغنوصية أو التيارات العرفانية في القرون المسيحية الأولى يمكنك تحميله من خلال الضغط على الزر الموجود بالاسفل
بالزر الايمن و بعد ذلك حفظ كملف - Right click and choose Save File (Link) AS
يمكنك الاستمتاع بقراءة كتاب
الغنوصية أو التيارات العرفانية في القرون المسيحية الأولى اونلاين وعلى الموقع الخاص بنا من خلال الضغط على زر قراءة بالاسفل