2022م - 1444هـ


غاية هذه الدراسة هو النظر في مجالين بينهما كثير من الترابط ، ولهما أهمية عالية في فقه العمل ، المجال الأول هو معرفة المؤهلات الشخصية والقواعد النظرية التي يحتاجها التعامل مع المشهد المركب والأمور المتزاحمة والأولويات العالية ، وذلك كالأفق الواسع والحزم وضبط النفس والمغالية والتوازن وغيرها ، وتعد هذه الصفات من أهم أخلاق العمل للبناء والتفوق وإقامة الحضارة .



المجال الثاني هو جزء مهم جدا من أحكام العمل عموما ، ويضم المصلحة والمفسدة وتزاحم الأحكام والأولويات والإضطرار والتدرج في التطبيق الشرعي وفقه الوسائل (أي الذرائع ) وعوامل الإنحدار .



فهذه هي المباحث التي اخترتها في هذه الدراسة ، أي الجمع بين أخلاق وأحكام العمل ، فإن الحاجة إليها شديدة في كل عصر وخاصة في عصرنا هذا ، وأيضا فإن صلة هذه المباحث قوية جدا بالفقه السياسي وعمل المؤسسات الحكومية سواء كانت مؤسسة قانونية أو خدمية أو أمنية او دفاعية ، مما يمكن أن يؤدي إلى مصالح عامة كبيرة او مفاسد عامة كبيرة ، وذلك بحسب سلامة او سوء التطبيق لهذه المجالات .



وصلة هذه المباحث قوية كذلك بعمل المؤسسات الشرعية غير الحكومية كالأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية . وسيتضح الأمر بالأمثلة والتطبيقات التي سنذكرها إن شاء الله تعالی.



يضاف إلى ذلك أن مضامين هذه المباحث غير ملتبسة بالأبواب الأصولية والفقهية الأخرى وإن حصل تداخل بينها ، وهذا بخلاف باب المصالح المرسلة فإن عامة التطبيقات الصحيحة فيه ترجع إلى أصول متغايرة لا يصح عند التحقيق جمعها في باب واحد ، فبعض تطبيقاته ترجع إلى معنى الوسائل کجمع المصحف والسياسات التنفيذية وبعضها الآخر يرجع إلى العمل بالنص كالواجبات المالية الزائدة عن الزكاة لأجل إقامة الدين ، والإقتصاص من الجماعة بالواحد وغيرها من الأحكام ، ولذلك أقصيت باب المصالح المرسلة عن هذه الدراسة إلا ما يدخل منها في باب الوسائل والسياسات والضرورات