2018م - 1444هـ
الكتاب المهم والعميق للكاتب والمفكر وائل حلاّق، «الشريعة».. النظرية والممارسة والتحولاّت، والذي يمثّل جهداً استثنائياً للمؤلف جاوز القرنين. ويأتي هذا الجهد - كما يشير غلاف الكتاب - بعد أن شَهِدَتِ الأعوام تزايداً في تبوّؤ الشريعة مكانة مركزية في لغات السّياسة ومُمارساتها في العالم الإسلامي وفي الغرب كذلك.



وقد شوّهت الحكاياتُ الشعبيّة والإملاءات البحثية الزائفَة مبادئ الشريعة ومُمارساتها في الماضي، بالخلط بينها وبين تجسّدات من الواضح أنَّها تَجسّدات حديثة سلبية مُسَيّسة تَسييساً كبيرًا.



ويأتي هذ الكتاب لوائل حلاق ليضع الأمور في نصابها ببحثه في مذاهب الشريعة ومُمارساتها في سياق تأريخها، وبإظهاره كيفية أدائها وظيفتها في ضمن نطاق مجتمعات ما قبل العصر الحديث بوصفها مطلبًا أخلاقيًا. وفي سياق إنجاز حلاّق مُهمَّتَه هذهِ، يأَخَذَ القارئ في رحلة ملحميّة تتبّع تاريخ الشريعة الإسلامية ابتداء ببداياتها في الجزيرة العربية في القرن السابع، ومُرورًا بتطورها وتحوّلها في القرون اللاحقة في ظل حكم العثمانيين، وعبر مناطق مُتنوعة كالهند وإفريقيا وجنوب شرق آسيا، ووُصولاً إلى عصرنا الحاضر. وبسرد متدفق مُعجِب، يُفكّكك الكاتب تعقيدات موضوعه ليكشف عن حُبّ ومعرفة عميقة للشريعة سيشغلان ذهن القارئ بتحديّاته.



من مقدّمة المُؤلّف للترجمة العَرَبيَّة يوضّح قائلاً:» من دواعي سروري أن أجد هذا الكتاب، خصوصاً، منقولًا إلى اللغة العربية، لأنَّهُ يُمثّل خلاصة لِكثير من العمل البحثي الذى اضطلعت بهِ طوال عقدين من الزمن سبقا طباعته، وهي خلاصة لِكثير من الدراسات والمقالات المفصّلة والمتخصصة في هذا الحقل. فما كانَ قَد نُشِرَ في مقالاتٍ يقربُ عَدد صفحات إحداها من ثلاثين صفحة أو أربَعِينَ، بل قَد يظهرُ في هذا الكتاب في فقرةٍ مُفردة، وإن كان الكثيرُ ممَا فيهِ جَديداً، بل قد يكونُ مُعظمه كذلك.



وكانَتْ نيّتي عندَ تَأليف هذا الكتاب مُتّجهة إلى إيجادِ سَرد متماسك يُحيط بتاريخ الشريعة وتطورها خلال عُمُرها الذي يربو على أربعة عشر قرناً، وكيفية أدائها وظائفها في المُستَويات الاجتماعي والقانوني والسياسي في أزمنة ما قبل العصر الحديث، وكيفيَّةٍ تَغيّرِها جَوهريًا على أيدي القُوَى الاستعمارية والإمبريالية خلال القرن التاسع عشَرَ فما بَعدَهُ».



ويضيف الكاتب قائلاً: «ويُمكنني الآنَ، وقَد مَر ما يُقرَبُ مِن عَقدٍ على ظهور هذا الكتاب، أن أموضع الكتاب في مشروع مُوَسّع كُنْتُ قَد اضطلعتُ بِهِ مُنذ بدء اهتمامي الأكاديمي بالموضوع، أي منذ بدء بُحثي الجاد والأكاديمي في التاريخ الإسلامي وطرائقه الشرعية في تُنظيم الحَياةِ والمُجتمع».