2017م - 1444هـ حكم الزواج بغير المسلمة
من القضايا الفقهية المعاصرة
حكم الزواج بغير المسلمة
في الفقه الإسلامي
بحث محكم بمجلة مركز الخدمة والاستشارات البحثية بكلية الآداب بالمنوفية, العدد الثالث ,مايو سنة 2002م.
إعداد
د / حسن السيد حامد خطاب
أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد
كلية الآداب – جامعة المنوفية
وكلية التربية للبنات بالعلا بجامعة طيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه والله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين0
فإن للزواج بالكتابية في الإسلام أهمية خاصة حيث لم يبح الزواج بين أصحاب الديانات المختلفة إلا في الإسلام الذي أباح الزواج من الكتابية، يقيم أساساً للتعامل بين بني البشر، أن الناس جميعا إخوة يتعاملون على أساس الإنسانية مهما اختلفت دياناتهم ولغاتهم وألوانهم، فهم إخوة في الإنسانية وهي تعني التعارف والتعاون قال تعالى
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير ( ).
فقد خلق الله الناس من أب واحد وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا لا ليتنافروا وجعل بينهم إخوة ترابط ومودة بمقتضى هذا الأصل، فإذا قوى أو انضم إليه حق آخر زادت المودة وتوطدت الصلة بالجوار أو الإسلام أو القرابة ونحو ذلك 0 وبهذا يجعل الإنسانية مجردة أصلا في التعامل والتعاون مهما اختلفت الأديان0
ولو كان الناس لا يتعاونون ولا يتعايشون إلا إذا اتحدت دياناتهم لما استطاعوا أن يعمروا الأرض ولاختل ميزان الاجتماع البشري والعمراني قال تعالى: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ( )، وعلى قدر ما يوجد لدى الناس من دين وعلى قدر ما يتحقق من المصلحة للمسلمين يكون التعامل في حدود قد تؤدي إلى إيجاد صلة يمكن تسميتها رحما يجب أويندب أو يباح وصلها ، ويحرم أو يكره قطعها، فإذا كانت العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب علاقة عهد وذمة فلهم حقوق تُحرم الاعتداء عليهم وإيذاؤهم:
أما إذا رفع غير المسلمين راية العداء وناصبوا المسلمين الحرب فما على المسلمين إلا الجهاد والمقاتلة لرد العدوان عن أنفسهم ، فالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى تقوم على أسس تحكمها قواعد المصالح والمفاسد التي ترتبط بالواقع الذي يختلف من وقت لآخر, ويحسب حال المسلمين قوة وضعفاً، وقد حدث ذلك في العصر الأول حيث أباح الله نكاح الكتابيات وتزوج بعض الصحابة منهم كعثمان وحذيفة وغيرهما ، ثم نهى عنه عمر رضى الله عنه وطلب منهم أن يطلقوهن، ثم حرمه ابن عمر قائلاً : لا أعلم شركا أعظم من قولها أن عيسى بن الله " ولهذا قال عطاء: يكره نكاح اليهوديات والنصرانيات، وقال مبينا وجه الكراهة : كان ذلك والمسلمات قليل ، قال ابن حجر معلقا على ذلك: وهذا ظاهر أنه خص الإباحة بحال دون حال ،ونقل عن أبي عبيد قوله:المسلمون اليوم علي الرخصة . ( )
وهذا يفيد أن الحكم في المسألة يرتبط بظروف العصر ويتأثر بما عليه المسلمون ،وبحال الكتابيات وبالظروف المحيطة كافة .
كل هذا يجعل البحث في المسألة واستقصاء آراء الفقهاء فيها ، ومعرفة وجهات النظر المختلفة منها أمراً مطلوبا ً لا سيما وقد تعددت الملل والطوائف التي يدين بها غير المسلمين ، فضلاً عن اشتعال نار الحرب بين اليهود والمسلمين وغياب سلطان المجتمع المسلم الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم وتقاليد وأخلاقاً وضعف سلطان الرجل على المرأة المثقفة وبخاصة الغربية في ظل إفرازات العولمة التي هيمنت على العالم ، كل ذلك يجعل دراسة القضية بصورة تتفق مع الواقع واستخراج الرأي الذي يتوافق مع الواقع ضرورة علمية 0
وقد اقتضت طبيعة البحث تقسيمه إلى أربعة مطالب وخاتمة :
المطلب الأول : زواج المسلم بالكتابية
المطلب الثاني : زواج المسلم بغير الكتابية
المطلب الثالث : إسلام الزوجين الكافرين
المطلب الرابع : آثار الزواج بغير المسلمة
الخاتمة : نتائج البحث
يمكنك تحميله من خلال الدخول الى صفحه التحميل من