الموقع الأكبر لتحميل الكتب مجانا



معلومات الكتاب
سيرة الزعيمين محمد إدريس السنوسي وعمر المختار
المؤلف : علي محمد محمد الصلابي

التصنيف : التراجم والأعلام

  مرات المشاهدة : 182

  مرات التحميل : 182

تقييم الكتاب



نشر الكتاب



تفاصيل عن كتاب سيرة الزعيمين محمد إدريس السنوسي وعمر المختار
2016م - 1444هـ
الملك محمد إدريس الأول (12 مارس 1890 م - 25 مايو 1983 م) هو أول حاكم لليبيا بعد الاستقلال عن إيطاليا وعن قوات الحلفاء في 24 ديسمبر/كانون الأول 1951 م وحتى 1969 م. وهو من العائلة السنوسية، من سلالة محمد بن علي السنوسي، مؤسس الطريقة السنوسية. وورث موقع جده.



نشأ في كنف أبيه الذي كان قائما على أمر الدعوة السنوسية في ليبيا، وعلى يديه وصلت إلى ذروة قوتها وانتشارها.



قد التحق إدريس السنوسي بالكتاب، فأتم حفظ القرآن الكريم بزاوية "الكفرة"، مركز الدعوة السنوسية، ثم واصل تعليمه على يد العلماء السنوسيين، ثم رحل إلى برقة سنة (1320 هـ - 1902م)، وتوفي في ذات العام والده "السيد المهدي" بعد أن بلغت الدعوة في عهده الذروة والانتشار، ووصل عدد "الزوايا" إلى 146 زاوية موزعة في برقة وطرابلس وفزان والكفرة ومصر والسودان وبلاد العرب، وانتقلت رئاسة الدعوة إلى السيد أحمد الشريف السنوسي، وصار وصيا على ابن عمه إدريس وجعله تحت عنايته ورعايته. قاد أحمد الشريف السنوسي في فترة من فترات إمارته للحركة السنوسية المجاهدين الليبيين وبعد هزيمته في المعركة التي قادها ضد الإنجليز في مصر تنازل لابن عمه محمد إدريس السنوسي.



وبعد قيام الحرب العالمية الأولى سحبت إيطاليا كثيرا من قواتها بليبيا بسبب اشتراكها في هذه الحرب، وفي الوقت نفسه رأى السنوسيون أن يساعدوا الدولة العثمانية التي دخلت الحرب أيضا، فقام السيد أحمد الشريف بحملة عسكرية على مصر منها معركة وادي الماجد، كان الغرض منها إرغام بريطانيا على القتال في حدود مصر الغربية، ومن ثم شغلها عن الحملة التركية الألمانية على قناة السويس، غير أن هذه الحملة فشلت، وعاد السيد أحمد شريف إلى بلاده منهزما، تاركا مهمة قيادة الدعوة السنوسية إلى ابن عمه محمد إدريس السنوسي وتحت إلحاح مشايخ وزعماء برقة، فاستطاع أن يقبض على الأمور بيد قوية ويضرب على أيدي المفسدين فأنقذ البلاد من خطر التشرذم والحرب الاهلية _ وبعد أن أفنت الحرب والاوبئة ثلث سكان برقة _، واتخذ من مدينة اجدابيا مقرا لإمارته الناشئة، وأخذ يشن الغارات على معسكرات الإيطاليين.



تولى إدريس السنوسي إمارة الحركة السنوسيّة في عام 1916م من ابن عمه السيد أحمد الشريف. دخل إدريس بن المهدي السنوسي في النصف الثاني من عشرينات القرن الماضي في مفاوضات مع إيطاليا. منها مفاوضات الزويتينة (من يوليو إلى سبتمبر 1916م).. مفاوضات في ضواحي مدينة طبرق منطقة عكرمة (من يناير إلى أبريل 1917م)، مفاوضات الرجمة (1914) وكان أهم شروطها هو الاعتراف بالسيد/ إدريس السنوسي كأمير سنوسي لإدارة الحكم الذاتي بحيث يشمل نطاقها واحات: الجغبوب وجالو والكفرة ويكون مقرها في إجدابيا، واتفاقية أبو مريم واجتماع إدريس السنوسي بوزير المستعمرات الإيطالية أمندولا في عام 1922 م في منطقة غوط الساس بالقرب من جردس العبيد. لم تستمر حكومة إجدابيا طويلاً لأنّ إيطاليا أرادت التخلص من اتفاقاتهاوذلك بعد زحف ارتال الفاشيين على روما. فقرر إدريس السنوسي الرحيل إلى مصر وكلف شقيقه الأصغر محمّد الرضا السنوسي وكيلاً عنه على شؤون الحركة السنوسيّة في برقة، وعين عمر المختار نائباً له وقائداً للجهاد العسكري في شهر نوفمبر 1922م



لما قامت الحرب العالمية الثانية في عام 1939م راهن الأمير إدريس السنوسي على الحلفاء وأعلن فيما بعد انضمامه إليهم وعقد اتفاقا مع البريطانيين. ودخل إلى ليبيا بجيش أسسه في المنفى (الجيش السنوسي) في 9 أغسطس 1940م متحالفاً مع البريطانيين لطرد الغزاة الإيطاليين. ولما انتهت الحرب بهزيمة إيطاليا، وخروجها من ليبيا، عاد إدريس السنوسي إلى ليبيا في (شعبان 1364 هـ الموافق يوليو 1944 م)، وأصبحت ليبيا منذ ذلك التاريخ تحت حكم الإدارة البريطانيّة والفرنسية (الحلفاء). تحصلَ في نوفمبر 1920م على حكم ذاتي (حكومة إجدابيا)، ثم أعلن استقلال ولاية برقة في 11 أكتوبر 1949م، وانتقلت سلطات الإدارة العسكريّة البريطانية إلى حكومة برقة،



مفاوضات بين إدريس وإيطاليا

ولما أوشكت الحرب العالمية الأولى على الانتهاء، ولم تكن المعارك بين الليبيين والإيطاليين حاسمة، لجأ الطرفان إلى مائدة المفاوضات، وعقدا هدنة في سنة (1336 هـ/ 1917 م) يعلنان فيها أنهما راغبان في وقف القتال والامتناع عن الحرب. وتضمنت هذه الهدنة عدة بنود، منها أن يقف الإيطاليون عند النقط التي كانوا يحتلونها، وأن يبقى على المحاكم الشرعية، وأن تفتح المدارس العملية والمهنية في برقة، وأن تعيد إيطاليا الزوايا السنوسية والأراضي التابعة لها، وأن تعفى من الضرائب، وفي مقابل ذلك يتعهد السنوسيون بتسريح جنودهم وتجريد القبائل من السلاح.



غير أن بنود هذه الهدنة لم تجد من ينفذها، فعاود الطرفان المفاوضات من جديد وعقدا اتفاقا جديدا سنة (1339 هـ/ 1920 م) عرف باتفاق "الرجمة" بموجبه قسمت برقة إلى قسمين: شمالي، وفيه السواحل وبعض الجبل الأخضر، ويخضع للسيادة الإيطالية، وجنوبي، ويشمل: الجغبوب، وأوجلة، وجالوا، والكفرة، ويكون إدارة مستقلة هي الإمارة السنوسية، ويتمتع محمد إدريس بلقب "أمير" مع حفظ حقه في التجول في جميع أنحاء برقة، ويتدخل في إدارة المنطقة الإيطالية متى شعر أن مصلحة أهالي البلاد تتطلب ذلك، وفي الوقت نفسه تعهد الأمير بأن يحل قواته العسكرية، على أن يحتفظ بألف جندي فقط يستخدمهم في شئون الإدارة وحفظ النظام.



إدريس زعيما للبلاد



محمد إدريس السنوسي.

لم تنجح هذه الاتفاقيات في تهدئة الأوضاع في البلاد وتوفير الاستقرار، وكانت أصابع إيطاليا وراء زرع بذور الشقاق في البلاد، وأدرك العقلاء أنه لا بد من توحيد الصف لمواجهة الغازي المحتل فعقد مؤتمر في "غريان" حضره زعماء الحركة الوطنية من قادة الجهاد في طرابلس، وذلك في (ربيع الأول 1339 هـ=نوفمبر 1920 م)، واتخذ فيه القرار التالي: "إن الحالة التي آلت إليها البلاد لا يمكن تحسينها إلا بإقامة حكومة قادرة ومؤسسة على ما يحقق الشرع الإسلامي من الأصول بزعامة رجل مسلم منتخب من الأمة، لا يعزل إلا بحجة شرعية وإقرار مجلس النواب، وتكون له السلطة الدينية والمدنية والعسكرية بأكملها بموجب دستور تقره الأمة بواسطة نوابها، وأن يشمل حكمه جميع البلاد بحدودها المعروفة".



وقد انبثق عن هذا المؤتمر هيئة الإصلاح المركزية، قامت سنة (1341 هـ= 1922) بمبايعة إدريس السنوسي أميرا للقطرين طرابلس وبرقة، وذلك من أجل توحيد العمل في الدفاع عن البلاد، والجهاد ضد المحتلين.



وكان قبول السنوسي لهذه البيعة وتوحيد الجهود هو ما تخشاه إيطاليا، وأدرك السنوسي بقبوله هذا أن إيطاليا لا بد أن تضمر الشر، وأنه صار هدفا، فذهب إلى مصر لمواصلة الجهاد من هناك، تاركا عمر المختار يقود حركة المقاومة فوق الأراضي الليبية، وكانت القضية الليبية تلقى عونا وتعاطفا من جانب المصريين.



وبعد أن استولى الفاشيون على الحكم في إيطاليا سنة (1341 هـ / 1922 م) اشتدت وطأة الاحتلال في ليبيا، وعادت المذابح البشرية تطل من جديد، واستولى المحتلون على الزوايا السنوسية وأعلنوا إلغاء جميع الاتفاقات التي عقدتها الحكومة الإيطالية مع السنوسيين، وكان من نتيجة ذلك أن اشتعلت حركة الجهاد، وكلما عجز المحتلون على وقف المقاومة أمعنوا في أساليب الإبادة، والإفناء ومحاربة اللغة العربية والإسلام، والعمل على تنصير المسلمين.



السنوسي في مصر

وبعد أن استقر إدريس السنوسي في القاهرة أصبحت حركته محدودة بعد أن فرض عليه الاحتلال البريطاني في مصر عدم الاشتغال بالسياسة، وكان من حين إلى آخر يكتب في الصحف المصرية حول قضية بلاده.



ولم اشتعلت الحرب العالمية الثانية نشط إدريس السنوسي وعقد اجتماعا في داره بالإسكندرية حضره ما يقرب من 40 شيخا من المهاجرين الليبيين، وذلك في (6 من رمضان 1359 هـ / 20 أكتوبر 1939 م) وانتهى الحاضرون إلى تفويض الأمير في أن يقوم بمفاوضة الحكومة المصرية والحكومة البريطانية لتكوين جيش سنوسي، يشترك في استرجاع الوطن بمجرد دخول إيطاليا الحرب ضد الحلفاء.



وبدأ الأمير في إعداد الجيوش لمساندة الحلفاء في الحرب، وأقيم معسكر للتدريب في إمبابة بمصر بلغ المتطوعون فيه ما يزيد عن 4 آلاف ليبي وكانو من الليبيين المهاجرين بمصر من أبناء القبائل الليبية المهاجرة بمصر من الرماح وأولاد علي والسننة والحرابي وبدعم من الجبالية بمصر والبراعصة أولاد خضرة والجوازي وعيت فايد والزعيرات (العبيدات) والسمالوس والجبيهات وحبون والإشراف وغيرهم من قبائل برقة المهاجرة الي مصر من ظلم الاتراك العثمانيين ومن ثم الإيطاليين لتشكيل "الجيش السنوسي" بمعونة الجنرال الإنجليزي "ميتلاند ولسون" وكانوا فيما بعد عونا كبيرا للحلفاء في حملاتهم ضد قوى "المحور" في شمال أفريقيا، وساهموا مساهمة فعلية في الحرب، بالإضافة إلى ما قدمه المدنيون في ليبيا والقبائل الليبية بمصر من خدمات كبيرة للجيوش المحاربة ضد إيطاليا لتحرير ليبيا من إيطاليا ولاحقا بعد وقوع الالاف من الليبين بالاسر وتم نقلهم الي شرق قناة السويس قام بزيارتهم الأمير ادريس ويرافقة اعيان القبائل الليبية المهاجرة بمصر وانضم البرقاويين الي جيش السنوسي اما الاخرين فقد اثروا السلامة وتغير اسم الجيش الي جيش التحرير.



...



السيّد عُمر بن مُختار بن عُمر المنفي الهلالي (20 أغسطس 1858-الموافق 10 محرم 1275هـ - 16 سبتمبر 1931- الموافق 3 جمادى الأولى 1350هـ)، الشهير بعُمر المُختار، المُلقب بشيخ الشهداء، وشيخ المُجاهدين، وأسد الصحراء، هو قائد أدوار السنوسية في ليبيا، وأحد أشهر المقاومين العرب والمُسلمين. ينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة.



حارب عُمر المُختار الطليان "الإيطاليين" مذ كان عمره 53 عامًا لأكثر من عشرين عامًا في عدد كبير من المعارك، إلى أن قُبض عليه من قِبل الجنود الطليان، وأُجريت له محاكمة صوريّة انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقًا، فنُفذت فيه العقوبة على الرغم من أنه كان كبير السن ومريضًا، فقد بلغ في حينها 73 عامًا وعانى من الحمّى. وكان الهدف من إعدام عمر المُختار إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحُكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُردت القوات الإيطالية من البلاد.



حصد عُمر المُختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاص أكثر بعد إعدامه، فأخبار الشيخ الطاعن في السن الذي يُقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب الذين كانوا يعانون من نير الاحتلال الأوروبي في حينها، وحثّت المقاومين على التحرّك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو مُعلّقٌ على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر، من العالَمَين الشرقي والغربي على حد سواء، فَكَبُرَ المُختار في أذهان الناس وأصبح بطلًا شهيدًا. رثا عدد من الشُعراء المُختار بعد إعدامه، وظهرت شخصيَّته في فيلم من إخراج مصطفى العقَّاد من عام 1981 حمل عنوان "أسد الصحراء"، وفيه جسَّد الممثل المكسيكي - الأمريكي أنطوني كوين دور عُمر المُختار.



في الساعة الخامسة مساءً في 15 سبتمبر 1931 جرت محاكمة عمر المختار التي أعد لها الطليان مكان بناء برلمان برقة القديم، وكانت محاكمة صورية شكلًا وموضوعًا، إذ كان الطليان قد أعدوا المشنقة وانتهوا من ترتيبات الإعدام قبل بدء المحاكمة وصدور الحكم على المختار، ويبدو ذلك جليًّا من خلال حديث غراتسياني مع المختار خلال مقابلتهما، حين قال له: «إني لأرجو أن تظل شجاعًا مهما حدث لك أو نزل بك»، فأجابه المختار: «إن شاء الله».





جيء بعمر المختار إلى قاعة الجلسة مكبلًا بالحديد، وحوله الحرس من كل جانب، وأُحضر أحد التراجمة الرسميين ليتولّى الترجمة للمختار وللقضاة، فلمَّا افتتحت الجلسة وبدأ استجواب المختار، بلغ التأثر بالترجمان، حدًا جعله لايستطيع إخفاء تأثره وظهر عليه الارتباك، فأمر رئيس المحكمة باستبعاده وإحضار ترجمان آخر فوقع الاختيار على أحد اليهود من بين الحاضرين في الجلسة، فقام بدور المترجم، وكان عمر المختار جريئًا صريحًا، يصحح للمحكمة بعض الوقائع، خصوصًا حادث الطيارين الإيطاليين أوبر وبياتي، الذين أسرهما المجاهدون قبل ذلك. وبعد استجواب المختار ومناقشته، وقف المدعي العام بيدندو، فطلب الحكم على عمر المختار بالإعدام. وكان لحضور المختار في المحكمة أمام خصومه أثرٌ في نفوسهم، فرؤية شيخ طاعن في السن مُكبَّل بالسلاسل، صريحٌ وشجاع عندما يتكلم، كان لها وقعٌ على الكثير من الحاضرين، ولعلَّ أبرز ما يُظهر ذلك هو أنه عندما جاء دور المحامي المعهود إليه بالدفاع عن المختار، وكان ضابطًا إيطاليًّا شابًا من رتبة نقيب يُدعى روبرتو لونتانو، حاول أن يُبقي على حياة المختار، فطالب بالحكم عليه بالسجن المؤبَّد نظرًا لشيخوخته وكِبر سنّه، متحججًا بأنَّ هذا عقاب أشد قساوةً من الإعدام. غير أنَّ المدعي العام، تدخل وقطع الحديث على المحامي وطلب من رئيس المحكمة أن يمنعه من إتمام مرافعته مستندًا في طلبه هذا إلى أنَّ الدفاع خرج عن الموضوع، وليس من حقه أن يتكلم عن كبر سن عمر المختار وشيخوخته ووافقت المحكمة. عندئذٍ وقف المحامي وقال: «إنَّ هذا المُتهم الذي انتدبت للدفاع عنه: إنما يُدافع عن حقيقة كلّنا نعرفها، وهي الوطن الذي طالما ضحينا نحن في سبيل تحريره، إنَّ هذا الرجل هو ابن لهذه الأرض قبل أن تطأها أقدامكم، وهو يعتبر كل من احتلها عنوة عدوًا له، ومن حقه أن يُقاومه بكل ما يملك من قوَّة، حتى يُخرجه منها أو يهلك دونها، إن هذا حق منحته إياه الطبيعة والإنسانية.. إنَّ العدالة الحقة لا تخضع للغوغاء وإني آمل أن تحذروا حكم التاريخ، فهو لا يرحم، إنَّ عجلته تدور وتسجّل ما يحدث في هذا العالم المضطرب». وهنا كثر الضجيج ضدَّ المحامي ودفاعه، لكنه استمر بالكلام والدفاع عن المختار، فقام النائب العام ليحتج، فقاطعه القاضي برفع الجلسة للمداولة، وبعد مضي فترة قصيرة من الانتظار دخل القاضي والمستشاران والمدعي العام بينما المحامي لم يحضر لتلاوة الحكم القاضي بإعدام عمر المختار شنقًا حتى الموت، وعندما تُرجم الحكم إلى عمر المختار اكتفى بالقول: «إنَّ الحكم إلّا لله.. لا لحكمكم المُزيَّف.. إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون».



في صباح اليوم التالي للمحاكمة، أي الأربعاء في 16 سبتمبر 1931، اتُخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، وأُحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المُعتقلين السياسيين خصيصًا من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم. وأُحضر المُختار مُكبَّل الأيادي وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا سُلَّم إلى الجلّاد، وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على انخفاض، وبصوت مدوّي لمنع الأهالي من الاستماع إلى عمر المختار إذا تحدث إليهم أو قال كلامًا يسمعونه، لكنه لم ينبس بكلمة، وسار إلى منصة الإعدام وهو ينطق الشهادتين، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يؤذن في صوت خافت آذان الصلاة عندما صعد إلى الحبل، والبعض قال أنه تمتم بالآية القرآنية: Ra bracket.png يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ Aya-27.png ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً Aya-28.png La bracket.png، وبعد دقائق كان قد عُلّق على المشنقة وفارق الحياة.



سبق إعدام المختار أوامر شديدة الحزم بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أو يظهر البكاء عند تنفيذ الحكم، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضربًا مبرحًا بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار. ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العباريَّة وندبت فجيعة الوطن عندما علا المختار مشنوقًا، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت". يقول الدكتور العنيزي: «لقد أرغم الطليان الأهالي والأعيان المُعتقلين في معسكرات الاعتقال والنازلين في بنغازي على حضور المحاكمة، وحضور التنفيذ وكنت أحد أولئك الذين أرغمهم الطليان على المحاكمة، ولكني وقد استبد بي الحزن شأني في ذلك شأن سائر أبناء جلدتي، لم أكن أستطيع رؤية البطل المجاهد على حبل المشنقة فمرضت، ولم يعفني الطليان من حضور التنفيذ في ذلك اليوم المشؤوم، إلا عندما تيقنوا من مرضي وعجزي عن الحضور».



حاولت إيطاليا الاستفادة من مقتل عمر المختار، فعملت على استمالة المجاهدين إليها وإقناعهم إنَّ المقاومة لا فائدة تُرجى منها بعد أن سقط الرأس المُدبّر، لكن المجاهدين أبوا واجتمعوا وانتخبوا الشيخ يوسف بورحيل المسماري قائدًا للجهاد الإسلامي ووكيلًا عامًا للجهاد. وعلى أثر هذا التنصيب كلَّف الشيخ عبد الحميد العبَّار بالرحيل نحو شرق البلاد للقيام بحث الناس على الانخراط في جيش المجاهدين وحمل السلاح لمكافحة الجيوش والجهاد في سبيل العقيدة الإسلامية والدين. ولم يكن لمقتل المختار الأثر الذي توقعه الطليان، فلم يخف عزمهم أو يتلاشى، بل ازدادوا تصميمًا على القتال وتحرير البلاد من المحتل الأجنبي، فواصلت الحكومة الإيطالية حملات الانتقام ضدهم، حتى كانت الموقعة الحاسمة عند الحدود المصريَّة قرب الأسلاك الشائكة، فاجتاز الأسلاك بعض المجاهدين وقتل منهم عدد وأُسر عدد آخر، ولم يبقى إلّا الشيوخ القادة الأربعة، وهم: عبد الحميد العبَّار ويوسف بورحيل وعصمان الشامي وحمد بوخير الله. فقُتل الأخير ويوسف بورحيل وجُرح عصمان الشامي فأخذ أسيرًا، وأما عبد الحميد العبَّار فاستطاع أن يجتاز الأسلاك الشائكة بجواده نحو مصر. وبهذه النهاية انكسرت شوكة المجاهدين وتعثرت خطواتهم وأخمدت حركة الجهاد في ليبيا، واستتب الأمر لإيطاليا حتى حين، فعملت على خلق هويَّة جديدة للبلاد وحاربت الإسلام بعدة وسائل طيلة 11 عامًا، لكنها سرعان ما انشغلت بنشوب الحرب العالمية الثانية، التي خرجت منها خاسرة بعد بضع سنوات، وانسحبت كليًّا من ليبيا بتاريخ 7 أبريل عام 1943.





كتاب سيرة الزعيمين محمد إدريس السنوسي وعمر المختار هو الكتاب السابع في سلسلة صفحات من التاريخ الإسلامي في الشمال الإفريفي يتحدث عن سيرة الزعيمين محمد ادريس السنوسي وعمر المختار .


قراءة اونلاين لكتاب سيرة الزعيمين محمد إدريس السنوسي وعمر المختار

يمكنك الاستمتاع بقراءة كتاب سيرة الزعيمين محمد إدريس السنوسي وعمر المختار اونلاين وعلى الموقع الخاص بنا من خلال الضغط على زر قراءة بالاسفل

من خلال صفحة القراءة اونلاين

تحميل كتاب سيرة الزعيمين محمد إدريس السنوسي وعمر المختار

كتاب سيرة الزعيمين محمد إدريس السنوسي وعمر المختار يمكنك تحميله من خلال الدخول الى صفحه التحميل من


الابلاغ


يمكنك الابلاغ عن الكتاب بناء على احد الاسباب التاليه
1 - الابلاغ بخصوص حقوق النشر والطباعه
2 - رابط مشاهد او تحميل لا يعمل
وستقوم الادارة بالمراجعه و اتخاذ الاجراءات اللازمه , وفي حالة وجود اي استفسار اخر يمكنك الاتصال بنا