الموقع الأكبر لتحميل الكتب مجانا



معلومات الكتاب
بين ملا صدرا وهايدغر: بحث مقارن في جدلية النظر والعمل
المؤلف : محمد رضا أسدي

التصنيف : الفكر والفلسفة

  مرات المشاهدة : 230

  مرات التحميل : 230

تقييم الكتاب



نشر الكتاب



تفاصيل عن كتاب بين ملا صدرا وهايدغر: بحث مقارن في جدلية النظر والعمل
2016م - 1444هـ
يتحلّى الإنسان بحسب الخِلْقَةِ الأصلية بقوّتين إحداهما نظرية والثانية عملية، ولكلتيهما تأثير في طريقة عيشه. ومن هنا، كان من الطبيعيّ أن يُطرح السؤال عن العلاقة بين هاتين القوّتين لمعرفة أيّ منهما تتقدّم على الأخرى؟ من هذا الوجه عالج الفلاسفة المسلمون وكذلك الغربيّون هذا السؤال وقدّموا أجوبة مختلفة عنه. لجلاء هذه الإشكالية اختارت في هذه الدراسة الفيلسوف المسلم صدر الدين الشيرازي والفيلسوف الألماني مارتن هايدغر لتجري مقارنة بين رؤية كل منهما لمفهومي النظر والعمل وأيهما أسبق عل ى الآخر. لقد تبنّى كلٌّ منهما جوابًا مختلفًا عن الآخر، على الرغم من اشتراكهما في بعض المبادئ الفلسفية وفي بعض أسس نظرتهما إلى الإنسان.



من أهمّ ما ذهب إليه هذا البحث المقارن هو التالي:



يرى هايدغر، بناءً على تعريفه الخاصّ للعمل والنظر، أنّ العمل متقدّم وجودًا على النظر، في مقامِ تشكيل المعرفة البشريّة. بينما يرى ملّا صدرا، وانطلاقًا من تعريفه الخاصّ لمفهومي النظر والعمل، أنّ النظر والمعرفة متقدّمان على العمل في مقام تشكّل المعرفة البشريّة وتفضيل الإنسان على غيره من الكائنات.



يختلف الموقف من تحديد طبيعة العلاقة بين النظر والعمل باختلاف تعريف كلّ من المفهومين. ولكن ربّما يمكن القول بكلمةٍ عامّةٍ: لمّا كان الإنسان يتحلّى بمجموعة من القوى العلميّة والعمليّة، وأبرز مصاديق القوى العلمية عند الإنسان هو الوعي والفهم، وفي الجهة المقابلة فإن أبرز مصاديق القوى العمليّة العزم والإرادة، وعلى ضوء هذا التحديد العامّ يُتاح لنا الحديث عن أشكال أربعة للعلاقة المتصوّرة بين النظر والعمل، وبعبارة أخرى بين الوعي والإرادة عند الإنسان، وهذه الأشكال الأربعة المحتملة هي:



أوّلًا: تقدّم العلم والمعرفة على العمل، وأنّ المعرفة هي التي تضفي على العمل قيمته واعتباره، والإرادة أداة خادمة لتكامل فهم الإنسان.



ثانيًا: تقدّم العمل، وكون الوعي والعلم في خدمة تنمية الإرادة والعمل عند الإنسان، وما لم يصدر العمل من الإنسان لا تظهر قواه العلمية ولا تنمو أو تتطوّر.



ثالثًا: أن يكون العلم والعمل حيثيّتان لحقيقة واحدة، ولا تمايز ماهويَّ بينهما، وعليه لا يصحّ الحديث عن تقدّم أحدهما على الآخر. وحقيقة الحال بناءً على هذا الاحتمال أنّ الوعي والفهم والتفكير والتعقّل أشكالٌ من العمل الذي تنجزه النفس الإنسانيّة في مسيرة كشف الحقيقة والوصول إليها. في المقابل، العمل والفعل، هما نوعٌ من الوعي الإنسانيّ، ولا يمكن أن يتحقّق عملٌ أو يصدر عن الإنسان من دون أن يكون مقرونًا ومشوبًا بالعلم والمعرفة.



رابعًا: الحيثية العملية والحيثية النظرية عند الإنسان تعمل إحداهما بموازاة الأخرى، دون أن تتأثّر إحداهما بالثانية، وكأنّ كلًّا منهما جزيرة معزولة عن الجزيرة الثانية لا علاقة تربط إحداهما بأختها.



من بين الاحتمالات الأربعة المذكورة أعلاه يختار هايدغر، وعلى ضوء تعريفه الخاصّ لكلٍّ من العمل والنظر، يختار تقدّم العمل ( practice = الممارسة) والفعل (التطبيق العملي = praxis)[2] على النظر في مقام تشكيل المعرفة الإنسانيّة. وأمّا ملا صدرا وبناء على تعريفه المختلف لكلٍّ من هذين المفهومين، فإنّه يختار القول بالتقدّم الوجوديّ والقيميّ للعلم والمعرفة على العمل في مقام تشكّل المعرفة الإنسانيّة وترجيح الإنسان على سائر الكائنات. وسوف نحاول توضيح نظريّة كلٍّ من الفيلسوفين في النظر والعمل.



العلم والنظر في الفلسفة الصدرائيّة:



يقسّم ملا صدرا قوى النفس الناطقة الإنسانيّة إلى قسمين هما النظريّة والعملية[3]، وكلّ واحدة من هذه القوى لها مراتب خاصّة، والوصول إلى آخر مراتب كلّ واحدة من هذه القوى النظريّة والعملية هو كمال الإنسان[4]. وما يوجب كمال الإنسان وفضله على الملائكة وسائر موجودات العالم هو كمال قوّته النظرية وليس كمال عمله بالقياس إلى عمل سائر الكائنات[5].



وما يميّز الإنسانَ عن غيره من الكائنات هو أعماله وأفكاره؛ ولكن أعمال الإنسان تكتسب قيمتها واعتبارها من العلم والمعرفة اللذان تستند إليهما. وبناءً عليه لا شيء أفضل من العلم والمعرفة.



وقد وصل الإنسان إلى مقام الخلافة الإلهيّة بعد اتّصافه بالعلم بالأسماء الإلهيّة، وبهذا العلم استحقّ سجود الملائكة له.



ويبيّن ملا صدرا فكرة تقدّم العلم على العمل؛ بل تقدّم المعرفة على كلّ شيء في العالم، بطريقة أخرى مبنيّة على موضوع «السعادة». فهو يرى أنّ السعادة الإنسانية تنقسم إلى قسمين، هما: السعادة البدنية والسعادة العقلية.



والبدنية هي ما يُدرك بالمشاعر الجسمانية كالسمع للمسموعات والبصر للمبصرات... والعقلية ما يُدرك بالقوّة العاقلة كإدراك العقل للمفارقات كذات الباري وصفاته وأسمائه وملائكته العلوية. والسعادة العقلية أفضل وأرقى بمراتب من السعادة البدنية؛ وذلك لأنّ اللذة الحاصلة من العقلية أشدّ قوّة وأدوم زمنًا من اللذة الحاصلة من السعادة البدني.



وبناء على ما تقدّم، وعلى الرغم من الترابط المتبادل بين العلم والعمل، بحيث إنّ العلم في النهاية يجب أن يفضي إلى العمل، وهذا الأخير يترك أثره على الروح ويصوغها وفق أسسه ومقتضياته، والعمل من جهته مبنيٌّ على المعرفة والوعي، على الرغم من ذلك كلّه، فإنّ كفّة العلم هي الراجحة في مدرسة الحكمة المتعالية؛ وذلك لأنّ العلم هو الذي يوصل الإنسان إلى الكمال والعمل لا يكون حسنًا إلّا إذا كان في خدمة العلم المفضي إلى التكامل.



العلم والفهم والعمل عند هايدغر:



ما هي نظرة هايدغر إلى العلاقة بين الفهم والعمل والعلم؟



يتّضح معنى التفسير الذي يقدّمه هايدغر للفهم على ضوء العلاقة بالدازاين والوجود، وهذا يعني أنّ الفهم في الواقع هو أحد الأبعاد الوجودية للدازاين. والدازاين له أبعاد عدّة وإمكانات مختلفة، وهذه الأبعاد والإمكانات يمكنها أن تسقطه في اليومية، كما يمكنها أن تبدّله إلى وجود أصيل. وفي هذا الإطارِ الفهمُ هو أحد إمكانات الدازاين، وهذا الإمكان بدوره هو نحو من أنحاء وجود الدازاين وفي الوقت عينه يمكنه نحت أنحاء أخرى من كينونة الدازاين، والدازاين بواسطة الفهم يؤدّي إلى انعكاس ذاته وأخذها إلى الأمام.



وكلّ فهم هو بالنسبة إلى الدازاين خطّة تساعده على مواجهة العالم، وبناء عليه يعطي الفهم الدازاينَ إمكانية انكشاف نفسه والتعرّف إليها، كما يعطيه إمكانية اكتشاف العالم ومعرفته. والدازاين بواسطة الفهم ينال أمرين هما: مكشوفية نفسه ومكشوفية العالم. والدازاين هو طومارٌ (سجل ملفوف أو لفافة) من الإمكانات التي يسهم الفهم من حيث هو واحدٌ من أكثرها حيويّة في فتح أقفالها. نعم فالفهم هو إمكانٌ مفتاحيٌّ يستفيد منه الدازاين في الكشف عن سائر الأبعاد الوجوديّة الخاصّة به، كما عن سائر أضلاع الموجودات المحيطة به وبواسطته يفكّ رموزها. وبناء على ما تقدّم يتبيّن أنّ الفهم من وجهة نظر هايدغر يتجاوز في أثره وأهميّته دائرة المعرفة النظريّة.



وفي الحقيقة تولد المعارف النظريّة والقضايا العلمية في أحضان إمكانٍ اسمه الفهم. والدازاين، بواسطة الفهم، وعن طريق البنية المسبقة (Fore structure)، ينفخ روح المعنى في الأشياء الميتة التي لا روح فيها. وعليه يتّضح أن كلّ فهمٍ مبنيٌّ على المسبقات الوجودية المتوفّرة للدازاين أي في قالب المكسب السابق (Fore having) والرؤية السابقة (Fore sight) والتصوّر السابق (Fore Conception) في التعامل مع الأشياء والموجودات الخارجية تصبح هذه الأشياء ذات معنى[13]. وبعبارة مختصرة المقصود من هذه البنية الثلاثية الطبقات للفهم أنّ إدراكنا لأيّ موضوع يعتمد على ما يتوفّر لدينا من مفاهيم ومشاهدات قبليّة. ومن باب المثال: فهمي العامّ وتصوّري لمفهوم الرياضة يسعفني لتكوين معرفة أفضل بالجمباز (gymnastics) من حيث هو رياضة في إطار الأرضية العامّة لفهمي، ولكن أيضًا تساعدني الرؤية القبلية والبصيرة المسبقة على إدراك أفضل للعلاقات والروابط في إطار تلك الأرضية المعرفية العامّة.



وبصيرتي في ما يرتبط بالحركات المتوازنة للأيدي والأرجل في الرياضة تساعدني في فهمٍ أفضل للجمباز، وفي نهاية المطاف توقّعاتي أو مفاهيمي القبلية هي التي تشكّل توقّعاتي المستقبلية، وتوقّعاتي هذه تظهر في قوالب تلك المفاهيم القبلية وهي التي تشكّل فهمي لموضوع معيّن. فبما أنني أتوقّع العيش مع سلامة الجسم وقوّته، فإنّني أنظر إلى الجمباز من وراء تلك السلامة وهاتيك القوّة، فإذا لم تخدم تلك الرياضة أهدافي أي لم تحقّق لي السلامة والقوّة، ففي هذه الحالة أشكّ في فهمي للجمباز بوصفه رياضةً.





قراءة اونلاين لكتاب بين ملا صدرا وهايدغر: بحث مقارن في جدلية النظر والعمل

يمكنك الاستمتاع بقراءة كتاب بين ملا صدرا وهايدغر: بحث مقارن في جدلية النظر والعمل اونلاين وعلى الموقع الخاص بنا من خلال الضغط على زر قراءة بالاسفل

من خلال صفحة القراءة اونلاين

تحميل كتاب بين ملا صدرا وهايدغر: بحث مقارن في جدلية النظر والعمل

كتاب بين ملا صدرا وهايدغر: بحث مقارن في جدلية النظر والعمل يمكنك تحميله من خلال الدخول الى صفحه التحميل من


الابلاغ


يمكنك الابلاغ عن الكتاب بناء على احد الاسباب التاليه
1 - الابلاغ بخصوص حقوق النشر والطباعه
2 - رابط مشاهد او تحميل لا يعمل
وستقوم الادارة بالمراجعه و اتخاذ الاجراءات اللازمه , وفي حالة وجود اي استفسار اخر يمكنك الاتصال بنا