الموقع الأكبر لتحميل الكتب مجانا



معلومات الكتاب
التفكير اللاهوتي عند بول تيليش: لا يصدق المطلق إلا على الله
المؤلف : أنطوني تيسلتون

التصنيف : دينية وفكرية

  مرات المشاهدة : 227

  مرات التحميل : 227

تقييم الكتاب



نشر الكتاب



تفاصيل عن كتاب التفكير اللاهوتي عند بول تيليش: لا يصدق المطلق إلا على الله
2016م - 1444هـ
من يتناول فلسفة بول تيليش بالقراءة والفحص والنقد يكتشف ما تتسم به هذه الفلسفة من جرأة ورؤية نقدية عميقة لتفكيره الديني وتساؤلاته الروحية واللاهوتية. والبيِّن ـ كما سنرى ـ أن موقف الاستقلال الذي اتخذه على التخوم الفاصلة بين الفلسفة واللاّهوت مكّنه من مواجهة هذه المشكلات بكثير من الحرية.



وسنلاحظ من خلال أعماله المتميزة كيف جرت مساعيه باتجاهات مختلفة: محاولة عصرنة اللاهوت، وإنهاء التبعية اللاهوتية للأفكار السائدة، واتخاذ موقف الاستقلال الفكري إزاء المناقشات اللاهوتية حول طبيعة المسيح، وإلى ذلك أيضاً، النقد التاريخي للكتاب المقدس، واللاهوت الدفاعي، ومشكلة الانفتاح، والنزعة الفائقة للطبيعة، ومفهوم الخلاص، وعلاقة اللاهوت بالتطور العلمي، ولغة الدين، والسلطة الكنسية الخ.. هذا إلى تأثّره ببعض الفلاسفة حيث نمّى لديه حسّاً نقديّاً، ورؤية معمّقة لأهم المشكلات الدينية واللاهوتية والحضارية في عصره.



لا يمكن تصنيف بول تيليش (Paul Tillich 1886 -1965) ضمن فئة محدّدة من فئات اللاهوت المعروفة. هذا لا يعني إنكار أنه يدين بالكثير لشلايرماخر ولغيره من المفكّرين. فهو نفسه يعبّر عن أسفه لـ «الطريقة الرخيصة والخرقاء في تقسيم اللاهوتيين إلى طبيعيين naturalists وفوق طبيعيين supernaturalists أو ليبراليين وأرثودوكس». من هنا يمكن تحديد مجال واتجاه اهتمامات تيليش من خلال التركيز على أربعة موضوعات في كتاباته.



أولاً، إنّ تيليش يفكّر ويكتب انطلاقاً من كونه متكلماً (مدافعاً ) مسيحيّاً Apologist. فهو يحاول أن يدرس المسيحية من الخارج كما يدرسها من الداخل، وهو بالتالي شديد الاهتمام بالأزمات الإنسانية في القرن العشرين. يقول: «إن معظم كتاباتي تحاول تحديد طريقة ارتباط المسيحية بالتراث العلماني». وقد عُرض أهم مؤلفات تيليش «اللاهوت النسقي» (Systematic Theology) ذي الثلاث مجلدات على شكل خمس مجموعات من الأسئلة والأجوبة صيغت بلغة دفاعية. يبدأ المجلّد الأوّل بنقاش مفصّل للمنهج، يليه أسئلة حول العقل الإنساني، وهذا يوحي بإجابات ترتبط بالوحي.



يلي ذلك أسئلة حول «الوجود» اقتُرحت لها إجابات رمزية تشير إلى «الإله». في المجلّد الثاني أسئلة عن الوجود المادي ترتبط بأسئلة إضافية تتعلّق بالمسيح بوصفه الوجود الجديد. وأخيراً في المجلد الثالث، غوامض الحياة التي ترتبط بعقيدة الروح؛ وتساؤلات حول معنى التاريخ تجد إجابات لاهوتية في عقائد متعلقة بمملكة الله. ومن الركائز التي تقوم عليها أعمال تيليش أن «الدفاعيات وعلى الرغم مما يكتنفها من غموض تفترض وجود أرضية مشتركة».



بناء على ذلك يعرّف تيليش اللاهوت الدفاعي بأنه لاهوت جوابي answering theology. حيث يقول: «باستخدام منهج التضايف، يستمرّ اللاهوت النسقي على الشكل التالي: إنه يحلّل الحالة الإنسانية التي تُثار منها الأسئلة الوجودية، ويبيّن أن الرموز المستعملة في الرسالة المسيحية تحمل أجوبة عن هذه الأسئلة»



لكننا قد نخطئ، إذا تصوّرنا أن تيليش يفرط في العقلانيّة عندما يشخّص أسئلة الإنسان العلماني. ففي أكثر كتبه شعبية «الشجاعة في أن تكون» the courage to be مثلاً، يسبر غور القلق الإنساني حول المصير والموت، وتجربته في الخواء واللاَّمعنى، وفي شعوره بالذنب والإدانة[5]. فلتيليش علاقة مهمّة بالرومانسية، من موسيقى وعمارة وأدب، وبصورة خاصة الرسم الذي يحتل مكانة مهمة في حياته. من هنا لا يشكّل اللاهوت الدفاعي بالنسبة له، على الإطلاق، مسألة تفكير مجرّد. إنّه مهتم بمشاكل الحياة، وليس بالمشاكل الفكرية فحسب، حيث تمثّل مواقفه السياسية المتعاطفة مع الاشتراكية وجهاً من هذا الاهتمام المتعدّد الجوانب.



ثانياً، تيليش مهتم بأن المطلق ينبغي أن يصدق على الله فقط. ويمكن التعبير بشكل أسهل عن هذه النقطة بالطريقة السالبة: لا يمكن إدّعاء الإطلاق أو اللاَّتناهي لأي حقيقة متناهية سواء أكانت شخصاً أو رمزاً أو حدثاً أو حتى كتابة مقدّسة. النعمة غير مقيّدة بأي شكل متناهٍ، سواء أكان كنيسة، أو كتاباً أو سرّاً مقدّساً. والقيمة الأكثر إيجابية لجميع هذه الصيغ الدينية تكمن فقط في إمكان إشارتها إلى المطلق الذي يتجاوز ذواتها. وهذا المبدأ كما سنرى، ينطبق حتى على الصيغ المفهومية الدالة على الله. فلا شيء سوى «الله» الذي هو فوق ووراء هذه الصيغ منزّه عن النقد والنسبوية من بين الموجودات المتناهية الأخرى.



إن الاعتقاد بأن أي شيء في العالم، حتّى التعاليم والكتاب المقدّس والكنيسة، يجب أن يخضع للنقد، يسمّيه تيليش «المبدأ البروتستانتي»، ويجعله محوراً أساسياً في فكره اللاهوتي. فعلى الأقل، يلزم عن مبدإ الإصلاح البروتستانتي أن تكون البروتستانتية نفسها عرضة للمناقشة. هكذا يعلن تيليش «الحاجة لتحوّل ديني وثقافي بروتستانتي عميق واضح... فنهاية المرحلة البروتستانتية هي... ليست العودة إلى المسيحية الأولى، ولا هي خطوة نحو شكل جديد من العلمانية. إنها شيء يتجاوز جميع هذه الأشكال، شكل جديد من المسيحية، يجب توقّعه والتحضير له، لم تتم تسميته بعد».



ثمّة عامل إضافي في إعداد تيليش لمبدإ البروتستانتية، هو حبّه المبكر للبحث الفلسفي. في كتابه Autobiographical Reflections يستذكر كيف ساهمت الفلسفة في مساعدته بمناقشاته اللاهوتية المبكرة مع والده، الذي كان قسّيساً لوثريّاً. فقد بدأ يشعر بضغط هائل جرّاء التحفّظ اللاَّهوتي لوالده الذي كان أيضاً يتبنّى الرؤية اللوثرية الكلاسيكية والتي تفيد بأن أي فلسفة أصيلة لا يمكن أن تتعارض مع الحقيقة النابعة من الوحي. يذكر تيليش المدّة الزمنية التي استنفذتها النقاشات الفلسفية بينهما، حتى «من موقع فلسفي مستقل انتشرت حالة الاستقلالية في جميع الاتجاهات».



يصف هذه التجربة بأنها «خرق نحو الاستقلالية التي جعلتني محصّناً من أي نظام فكري أو حياة تطلب التنازل عن هذه الاستقلالية».



ثالثاً، يرى تيليش أنه يؤدّي مهمة وسائطية. فهو يؤكّد على هذا الأمر بشدّة في سيرته الذاتية المطوّلة التي وضع لها عنواناً معبّراً «على الحدّ» on the boundary. إنه يتمنّى أن يقوم بدور الوسيط أو المترجم على الحدود بين اللاهوت والفلسفة، بين الدين والتراث، بين اللوثرية والاشتراكية، بين الحياة العقلية الألمانية ونظيرتها الأميركية وهلمّ جرّاً .



يشن تيليش حرباً على الانقسام والتجزئة، فالتشظي والأخذ بالجزئيات وإهمال الكليات بالنسبة لتيليش يُرمز إليه مباشرة بالشيطاني فقط. غايته إذاً، رأب الصدع الذي يحجب الرؤية بطريقة تعيق النظر إلى الحياة والفكر ككل واحد. ويعتقد أن نقصان المعرفة وقلّة الاهتمام يضيّقان آفاقنا لنصل إلى المستوى الذي لا نرى فيه الكليات، بل نرى الأشياء أجزاء مستقلة ومجالات تخصصية. وهذا، بالنسبة لتيليش، يشرح على نحو جزئي، سبب فشل الإنسان الحديث في عصر التكنولوجيا والتخصص، في طرح أسئلة عن الوجود، أو عن الإله الذي يشكّل أساس كل الموجودات.





رابعاً، يمكننا هنا أن نذكر بإيجاز، وكمقدمة لمناقشة لاحقة تتناول محاولات تيليش في أن يعدل بين ثلاث مجموعات من الأفكار التي يستلّها من المفكرين الذين أثّروا فيه. فمن جهة هو مدين جداً لسيكولوجيا يونغ Young، الذي كان لرأيه في الرموز واللاَّوعي أثر عميق في مقاربة تيليش للرموز الدينية. ومن جهة ثانية لا تختلف كليّاً، هو مدين بالكثير إلى نظرية شلايرماخر في التجربة الدينية[10]. يذكرنا كارل براتن Carl Braaten أن تيليش يتذكّر عندما كان شلايرماخر «مرفوضاً كصوفي»[11].وأخيراً، ومن جهة مختلفة كليّاً أخذ تيليش عن مارتن هايدغر ضروباً من التفكير أو الصور المفهومية التي يمكن استخدامها في اللاهوت. أو بدقة أكثر إنه يقبل اقتراح هيدغر أن اللغة حول «الوجود» أو «الإله» سوف تتعالى على مقولات الذات ـ الموضوع في التفكير المفهومي. وهذا يقدّم له مساعدة في محاولته تجنّب الخطاب المعرفي حول الله كبديل للغة الرمزية.



عندما نضع هذه المجموعات الأربع معاً، لن نتفاجأ بتعبير بعضهم عن إعجابه بأعمال تيليش، ولا بأن يرى فيه آخرون عدوّاً للإنجيل. فهناك من اعتبر كتاباته لاهوتاً دفاعيّاً وسائطياً، مثلاً يصف ت. م. غرين T. M. Green تيليش بأنه «اللاهوتي الأكثر تنويراً في زماننا»؛ كما يسمّيه و. م. هارتن W. m. Horton الأمل الأكثر إشراقاً من أجل لاهوت للمصالحة المسكونية.



من جهة أخرى، يبرز التفكير في المبدإ البروتستانتي، حيث يعلن كنث هاملتون Kenneth Hamilton أن الشيء الوحيد الذي لم يقصده تيليش مطلقاً هو أن «اللاهوت المسيحي» رسالة سلطوية يجب القبول بها»



و«إن فهم نظام تيليش ككل يعني أن نعرف أنه متعارض مع الإنجيل المسيحي».



ومن جديد لن نتفاجأ أن بعض الكتّاب «الروم ـ كاثوليك» سجّلوا الموقف التالي: يضعنا تيليش أمام السؤال التالي: إلى أي حدّ يمكننا توسعة آفاقنا اللاهوتية قبل أن يفقد لاهوتنا مسيحيّته؟ كم من المكوّنات يمكننا ضخَّها في الفكر الديني من قبل أن يصل إلى الانفجار تحت وطأة ضغط هذه المكوّنات؟ بالتأكيد لا ينبغي أن نختلف حول حقيقة أن تيليش كان مدركاً هذه الصعوبات، وأنه قصد تجنّبها. لكن مسألة النية تختلف عن مسألة النجاح.



قراءة اونلاين لكتاب التفكير اللاهوتي عند بول تيليش: لا يصدق المطلق إلا على الله

يمكنك الاستمتاع بقراءة كتاب التفكير اللاهوتي عند بول تيليش: لا يصدق المطلق إلا على الله اونلاين وعلى الموقع الخاص بنا من خلال الضغط على زر قراءة بالاسفل

من خلال صفحة القراءة اونلاين

تحميل كتاب التفكير اللاهوتي عند بول تيليش: لا يصدق المطلق إلا على الله

كتاب التفكير اللاهوتي عند بول تيليش: لا يصدق المطلق إلا على الله يمكنك تحميله من خلال الدخول الى صفحه التحميل من


الابلاغ


يمكنك الابلاغ عن الكتاب بناء على احد الاسباب التاليه
1 - الابلاغ بخصوص حقوق النشر والطباعه
2 - رابط مشاهد او تحميل لا يعمل
وستقوم الادارة بالمراجعه و اتخاذ الاجراءات اللازمه , وفي حالة وجود اي استفسار اخر يمكنك الاتصال بنا