2011م - 1444هـ
لسائر الأمم تكويناتها التي تنهض على أعمدة من عوالم أفكارها ومؤسساتها ونظمها ومواردها ... وعلى رأس كل ذلك عالم أشخاصها. فالإنسان هو نواة الجماعة والأمة، والأمم برجالها وأعلامها الذين يفكرون بحزم ويعملون بعزم ويقودون الناس إلى ما فيه صلاحهم. إن قيام الأمة والحضارة على كواهل الجماهير وسواعد القواعد العريضة، لا ينفي بحال الأهمية الخاصة للنخب والأعلام الذين يضطلعون بريادة النهوض ودفع عجلاته قدما. ولقد حظيت الأمة العربية والإسلامية، وفي قلبها مصر، عبر تاريخها، بقوافل من الأعلام والقادة في مختلف المجالات والميادين، واستقبلت جهادهم وجهودهم بكل الفخر والاعتزاز، وأوسعت لهم سبل البناء والنماء. ولقد حفظت لنا سجلات الإصلاح والتغيير والتأثير أسماء لا حصر لها، وأعمالا وإنجازات من الضروري إجالة النظر فيها كل حين، والاستفادة من آليات تحقيقها، وسير أصحابها. وإذا كان أعلام التراث والتاريخ يحوزون قصب السبق في الاهتمام والتعريف بهم وبأعمالهم، فإن لأعلام الأمة المحدثين والمعاصرين مزية القرب الزمني وملامسة واقعنا الراهن بكل تعقيداته وإشكالاته الحضارية. إن الوقوف على عطاءات أعلام الأمة المعاصرين والكشف عن إسهاماتهم الفكرية والعلمية يحقق العديد من الفوائد؛ من أهمها: مواصلة زرع الأمل في النفوس بأن هذه الأمة لم تزل ولودا معطاءة، وأنها لم تزل تقدم نماذج للنبوغ والبذل بلا انقطاع، وكذلك توعية الأجيال من المثقفين وطلبة العلم والباحثين بجهود الرواد وحثهم على المراكمة والبناء عليها، ومنها أيضا فتح المجال أمام تفعيلات وتطبيقات لما يؤسس له الأعلام الرواد في حقول المعرفة والفكر المتنوعة. تشتمل دفتي هذا الكتاب على أعمال ندوة علمية عقدها كل من : مركز الحضارة للدراسات السياسية، ومركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة في الفترة 15 – 16 مارس 2009 م، تحت عنوان: ''قراءة في منظومة العطاء الفكري للدكتورة منى أبو الفضل".