2010م - 1444هـ
نبذه عن الكتاب:

دلالة النهي على التحريم:

وأمَّا خلافهم في موجبه: فذهب بعضهم إلى أن النهي المجرَّدَ عن القرائن يقتضي الكراهة، وذهب بعضهم إلى أنه مشترك بين التحريم والكراهة، ولا يدل على واحد منهما إلا بقرينة.



وقال الجمهور: موجب النهي التحريم ولزوم الانتهاء عن مباشرة المنهي عنه، كما أن موجب الأمر الإيجاب، وقد ينصرف إلى الكراهة أو غيرها بقرينة، كما في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) والقرينة: هي أن منع النفس من الطيبات مكروه وليس بمحرم.



ونص الشافعي على أن النهي يدل أصالة على التحريم، فقال: (وما نهى عنه فهو على التحريم، حتى يأتي دلالة عنه على أنه أراد غير التحريم).



استدل الجمهور بقوله تعالى: (وما نهاكم عنه فانتهوا) أمر الله بالانتهاء عن المنهي عنه، فيكون الانتهاء واجبًا؛ لأن الأمر كما تقدَّم للوجوب.

ورأى الحنفية: أن النهي للتحريم إذا كان الدليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة، فإن كان الدليل ظني الثبوت أو ظني الدلالة، فهو للكراهة التحريمية(4) .



هل دلالة النهي على الفور أم على التراخي؟

النهي يقتضي طلب الكف دائمًا وفورًا؛ لأنه لا يتحقق المطلوب وهو الكف إلا إذا كان دائمًا، بمعنى أنه كلما دعت المكلَّفَ نفسُه إلى فعل المنهي عنه كَفَّها، فتكرار الكف وكَوْنه على الفور من مقتضيات النهي، فصيغة النهي المطلق تقتضي الفور والتكرار، وصيغة الأمر المطلق لا تقتضي فورًا ولا تكرارًا(5) .



أثر النهي:

اتفق العلماء على أن النهي عن الشيء لذاته أو لجزئه في الأفعال، أو لخلل في ركنه أو محله في الأقوال يجعله باطلا، لا يترتب عليه أي أثر من الآثار المشروعة.



وأما إذا كان النهي لأمر خارج عنه غير لازم له، فقد ذهب البعض إلى أنه يكون باطلا كذلك، فأبطلوا البيع وقت النداء [للجمعة] والصلاة في الثوب المغصوب، كما قالوا: إن السفر لمعصية لا يبيح قصر الصلاة، ولا الفطر في رمضان.



ولكن جماهير العلماء يذهبون إلى أنه لا يقتضي الفساد، بل يبقى العمل صحيحًا وتترتَّب عليه آثاره المقصودة منه إلا أنه يقع مكروهًا، فيقع البيع وقت النداء صحيحًا مستتبعًا لآثاره من ثبوت الملك وحل الانتفاع به، وإن كان آثمًا بترك السعي لصلاة الجمعة.