2022م - 1444هـ
المقدمة:



إن أسباب النزول مِن مباحث عُلوم القرآن، وهو علم جليل؛ إذ عليه يَدور قُطب علم التفسير، ويقوم المفسرون بإيراد سبب النزول عند تعرّضهم لتفسير الآيات؛ حيث إن العلم بالسّبب يورث العلم بالمسبّب.



ونورد عددًا من المسائل المتعلقة بهذا الجانب من علوم القرآن. فكما هو معلوم بأن العلوم الدينية كثيرة ومتنوعة، منها أساب النزول، وهو العلم الذي سيقوم عليه هذا البحث، وهو مرتبط بالجانب التاريخي؛ لأن الآيات القرآنية لم تنزل على النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- في وقت واحد- بل كانت تنزل عليه في فترات زمنية متفرقة، وسيقف الباحث في هذا البحث على هذه الأمور ليكشف عن الأحداث التاريخية ، والوقائع التي كانت من دواعي نزول النص القرآني ، فالنظر في القرآن الكريم ، ومعرفة ما نزل منه ابتداءً دون ما سابق أثر ، وما نزل منه لسبب سابق ، وما نزل مفصحاً عن السبب، أو مجيباً عنه، أو مبيناً لحكمه، ومدى أخذ واقع الآية وما رافقها من ظروف وأحداث وأشخاص بنظر الاعتبار في مدلولها، كل ذلك وما إليه تكفل ببيانه هذا البحث الذي وسمناه بـ "المغني في معرفة الأسباب".



وأما منهج الدراسة الذي سيتبعه الباحث في بحثه، فهو المنهج التاريخي، لأن الربط بين تاريخ النزول وموضوعاته هو المنهج الذي نجد فيه القدرة على فهم القرآن فهماً قويماً، مؤكدا على ضرورة وجود وحدة تاريخية للسور القرآنية، فلكل سورة قرآنية مدة زمنية تاريخية نزلت فيها بحكم المناسبات التاريخية والتنزيلية، والتي بينت طريقة نزول القرآن الكريم مفرقاً في مدة زمنية طويلة، متزامنة مع تاريخ البعثة المحمدية من أولها إلى آخرها.



وقد اعتمد البحث على كتب التفسير والتأويل وكتب علوم القرآن، وكتب السنة والسنن والسيرة النبوية وغيرها. ومن أبرز تلك المصادر تفسير جامع البيان في تأويل القرآن للإمام ابن جرير الطبري، وتفسير ابن أبي حاتم، ومن علوم القرآن كتاب أسباب النزول للواحدي، والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر..