نعم لقد أرهقني الترحال، ولا زلت أبحث عن ظل شجرة راسخة الجذور، آلف أغصانها، كأشجار الكمثرى في حديقة دارنا القديم المقصوف، أنثر تحت ظلها غبار العمرالمترع بالقلق والترقب الانتظار، ابحث عن سقف، عن جدار، عن باب أخير ألقي على أعتابه بقايا أمتعتي المثقلة بذكرى عالم آمن قديم، لم يعد موجود.
لم اعد ارى النخلات إلا في ذاكرتي المُتعَبة ، التي تعانق النوستالجيا في أكثر الذكريات عنفا وكآبة ، لمحة سريعة خاطفة من الصمت ، تلاها الصوت الهادر للكُتلة الحديدية الضخمة قبل ان تضرب الارض فتزلزل كل شيء تحت أقدامنا ، وقبل ان يسود الصمت المثقل بضباب من نوع اخر ، فتات وكسرات الزجاج المتطاير ، وتراب السنين المتراكم من حيطان الدار ، تلفني كالاعصار الصغير وانا في الوسط تماما ، يرتسم على وجهي لوحة مجنونة من الدهشة والاضطراب وعدم التصديق ، وانا احاول ان اغلق عيني لاحميها ولكن من ماذا !؟ ادور حول نفسي وتدور معي الشظايا المتطايرة ولا تلمسني ...كأن حاجزا سحريا لا مرئي يقف بيني وبينها ..معجزة ؟ ربما ...احاول التشهد ولا يخرج من فمي سوى عبارة(يا الله )عالية متحشرجة ...ارفع يدي ، كَمايسترو يقود فرقة سيمفونية تعزف موسيقى الخراب والخوف ، في الحان امتزج فيها صوت الزجاج وعصف التراب وطقطقة الحيطان المتفطرة ... استدير نحو الشباك، بأستسلام كامل للموت ، كأني أُحيّي الجمهور ، للمرة الاخيرة
قراءة اونلاين لكتاب رواية ارتداد العصف
يمكنك الاستمتاع بقراءة كتاب
رواية ارتداد العصف
اونلاين وعلى الموقع الخاص بنا من خلال الضغط على زر قراءة بالاسفل
يمكنك الابلاغ عن الكتاب بناء على احد الاسباب التاليه
1 - الابلاغ بخصوص حقوق النشر والطباعه
2 - رابط مشاهد او تحميل لا يعمل
وستقوم الادارة بالمراجعه و اتخاذ الاجراءات اللازمه ,
وفي حالة وجود اي استفسار اخر يمكنك الاتصال بنا