2018م - 1444هـ
يسعى هذا الكتاب إلى إثارة أقصى مايمكن من الأسئلة حول تحدّي الحداثة و أسئلة الإصلاح الديني . كيف يمكن بلوغ اللحظة الإيجابية في ولادة أهم مافي الإمكان الحداثي ومافي الإمكان الديني من عناصر خلاّقة لإنسانية حرة ومسؤولة وغير قلقة ؟ من هنا الدعوة إلى حداثة السادة والأقوياء ونبذ حداثة العبيد والضعفاء . هي دعوة يمكن إدراجها ضد العزل العنصري للتوزيع الحضاري وفرص التنمية في العالم .



وهي في نفس الوقت انقلاب على الطرق المتبعة من دعاة الإصلاح أنفسهم في مواجهة الحداثة بوسائل تخلوا من الشجاعة من أجل المعرفة وتعكس حالة الضعف في مباشرة الأسئلة الحرجة في حداثة حتى وإن تركناها فلن تتركنا ، لأن جزء من وظيفتها صناعة محميات الحداثة من خلال ضعفاء النوع والهاربين من إكراهاتها . إذ لاتكتمل الحداثة إلا بوجود مسرح للفرجة .



ويبدو أننا في العالم الثالث عموماً لازلنا نؤثّث هامشاً فرجوياً لحداثة تتيح للأقوياء أن يتأملوا ماضيهم القلق من خلال محمية العالم الثالث ، وهو ما أسمّيه : المعذّبون في الأزمنة الحديثة .



المعذبون في الأزمنة الحديثة هم أولئك الذين لازالوا يترنّحون حول مركز الحداثة ، هاربون من جحيم هامشها ، حيث التخلف شرط في إستمرار تمركزها. نحن الذين لم نظفر بعد بمداخل خلّاقة إلى الكون الحديث ، هم يرغموننا وفق ألاعيب الأمم لكي نتشبّث بتخلّفنا ، وفي أحيان كثير يتراءى لنا موقف الاستقالة مخرجاً مناسباً لنا .