2015م - 1444هـ
الخيار المفتوح بين الثورة والانقراض
سرعان ما يستطيع قارئ هذا الكتاب أن يكتشف أن الأعرجي لا يقدم فكراً نظرياً مجرداً. ولا يجعل من محاكماته لآليات عمل "العقل المنفعل" مجرد كشف حساب رياضي للمفاهيم التي ألقت بظلها على كل شيء. إنه يُحاكِم تلك الآليات ويقدّم أدلّته الواقعية عليها ويكشف عن مضامينها النظرية وتبعاتها، من أجل أن يُطلق نداء "العقل الفاعل" للبدء بتحرير الفكر، وتحرير المعالجات العملية، من أسْرِ التكرار والتقليد والعجز عن الإبداع والنقد.
كما يضع الأعرجي إصبعه على جُرح غائر، موغل الأثر. إنه جُرح العلاقة المأساوية بين التراث والحداثة. فالعرب الذين فاتهم قطار التحديث، فشلوا في أن يركبوا قطار التراث. ليس لأنه قطار ذاهب الى الخلف، بينما هم بحاجة الى الذهاب الى الأمام، بل لأنهم لم يفهموه أصلاً، ولا نظروا اليه نظرةً تاريخيةً عقلانية، وقطعوا تذاكرهم، كلٌّ في عربة خاصة به، ليكتشفوا أن تلك العربة لا توصل الى أي مكان، وأنها منعزلة، وغير كافية لكي تضم ّكل تصادمات التراث مع نفسه، دع عنك تصادماته مع الحاضر. وذلك قبل أن يكتشفوا أن قطارهم، الذي لا يوصل الى الأمام، لا يوصل الى الخلف أيضا.
وأنه تائه (ليس بنفسه، لو أُحسن توظيفه في معترك التقدم، كما فعلتْ أممٌ أخرى) ولكنَّه تائه بتوظيفه "المنفعل" وبتحويله الى حارس أمين لـ "السجن المجتمعي" الذي ظل سجناؤه (نحن) يدورون حول أنفسهم عاجزين عن الخروج من دائرة التخلف. وقد لا يبدو الأعرجي أقل تحدياً في الفكر من محمد عابد الجابري الذي حلل مكوِّنات العقل العربي وحاكم قوالبه ومفاهيمه، ولكن يجرؤ المرء على القول إن الأعرجي، بمقاربة نظريات مختلفة، دفع بذلك التحليل الى المختبر التاريخي والمجتمعي الصحيح.
يمكنك الاستمتاع بقراءة كتاب
الأمة العربية بين الثورة والانقراض
اونلاين وعلى الموقع الخاص بنا من خلال الضغط على زر قراءة بالاسفل
كتاب
الأمة العربية بين الثورة والانقراض
يمكنك تحميله من خلال الدخول الى صفحه التحميل من