الموقع الأكبر لتحميل الكتب مجانا



معلومات الكتاب
الورع والزهد
المؤلف : يوسف القرضاوي

التصنيف : الزهد والتصوف وتزكية النفس

  مرات المشاهدة : 236

  مرات التحميل : 236

تقييم الكتاب



نشر الكتاب



تفاصيل عن كتاب الورع والزهد
2010م - 1444هـ
مقدمة



الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا ومعلِّمنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتَّبع هداه.



(وبعد)



فإن الله تعالى قد خلقنا لنعرفه ونعبده وحده لا شريك له، ونقوم بخلافته في أرضه، وهي المنزلة التي اشرأبَّت إليها أعناق الملائكة أن تُناط بهم، قائلين: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة:30]، فخصَّ الإنسان بالاستخلاف في الأرض، ومكَّن له فيها، وجعل له فيها معايش، وبارك فيها وقدَّر فيها أقواتها، وجعل الإنسان مبتلى فيها، {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ} [الإنسان:2].



ومما ابتلاه به: أمانة التكاليف، جمع تكليف، وهو إلزام ما فيه كُلفة ومشقَّة، وهي الأمانة التي عُرضت {عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:73،72].



وكان من تمام نعمة الله على الإنسان: أنه أمدَّه بكلِّ ما يعينه على أداء مهمَّة العبادة لله والاستخلاف في الأرض، وبلوغ كماله المقدَّر له، فمنحه العقل الذي به يفكِّر، والإرادة التي بها يرجِّح، والقدرة التي بها ينفِّذ، وآتاه من المواهب والملكات النفسية والروحية ما لم يؤته مخلوقًا آخر، وأنزل عليه الكتب، وبعث له الرسل، مبشِّرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حُجَّة بعد الرسل.



كما كان من تمام الابتلاء للإنسان: أن سلَّط عليه نفسه التي بين جنبيه، وهي أمَّارة بالسوء، تحبُّ العاجلة، وتَذَرُ الآخرة، وسلَّط عليه عدوَّه إبليس اللعين (الشيطان) وجنوده، وقد حلف أمام الله جلَّ وعلا: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:16، 17] ؛ ومن يومها والمعركة دائرة بين الشيطان والإنسان، وقد حذَّر الله منه أشدَّ التحذير: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6].



وقام الأنبياء وورثتهم من العلماء بمهمَّتهم في تنبيه الخلق من غفلتهم، وإمدادهم بالأسلحة التي تُعينهم في معركتهم، حتى لا يستحوذ عليهم الشيطان فينسيهم ذكر الله، وينضمُّوا إلى حزب الشيطان، المجافي والمعادي لحزب الرحمن، وركْب الإيمان. وبيَّنوا ما عهد الله إليهم من عبادته عزَّ وجلَّ، ومعاداة عدوِّه: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [يس:60، 61].



فالله تعالى يريد من عباده أن يعبدوه وحده، ولا يشركوا بعبادته أحدًا ولا شيئًا، وذلك باتِّباع منهجه الرباني الذي شرعه على ألسنة رسله، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، والشيطان يريدهم أن يتَّبعوا منهجه، ويَدَعوا منهج الله، فيَدَعوا الهدى إلى الضلال، والنور إلى الظلام؛ ومن هنا قام الربانيون في كلِّ جيل، متأسِّين برسول الله، مقتبسين من مشكاة نبوَّته، ليردُّوا الناس إلى الله، ويسوقوهم إلى الجنة، مرغِّبين ومرهِّبين، وألاَّ تغرُّهم الحياة الدنيا، ولا يغرُّهم بالله الغرور، وأن يسيروا في طريق عبادة الله، مخلصين له الدين حنفاء، وعبادة الله هنا تشمل العبادة الظاهرة، والعبادة الباطنة.



وإذا كان (علم الفقه) يعنى (بالعبادات الظاهرة) من الصلاة والزكاة، والذكر والتسبيح والدعاء، فإن (علم السلوك) أو (فقه السلوك) يعنى (بالعبادات الباطنة) من النية والإخلاص، والتوكُّل والتوبة إلى الله، والرجاء والخوف، والشكر والصبر، والورع والزهد، والمراقبة والمحاسبة، وغيرها من منازل السائرين، ومدارج السالكين إلى مقامات (إياك نعبد وإياك نستعين)، حسب تعبير الإمام الهروي.



ونحن نعلم أن القرآن قد جعل النجاة في الآخرة منوطة بسلامة القلب: {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:89،88]، والقلب السليم، هو السليم من الشرك والنفاق، والكبر والحقد والرياء، وآثار البدع والمعاصي.



كما أن الجنة لا يدخلها إلاَّ مَن كان ذا قلب منيب: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} [ق:32-34]، وفي الحديث المتَّفق عليه: "ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلُّه".



هذا، وقد كنتُ أصدرت أربع كتب في سلسلة (فقه السلوك) أو الطريق إلى الله، حول: الربانية والعلم، النية والإخلاص، التوكُّل، والتوبة إلى الله، واليوم أُتبعها بخامس عن (الورع والزهد)، ولعله كان ينبغي أن يقدَّم على بعض ما نُشر، ولكني جرت عادتي أن أكتب فيما ييسِّر الله لي الكتابة فيه، ثم أنشره على حاله، وإن لم يكن على الترتيب الذي أحبُّه. ولعل ذلك يحدث، بعد أن تتمَّ أجزاء السلسلة، فإما أن أرتِّبها أنا إن قدَّر الله لي ذلك، أو يرتِّبها من بعدي مَن يقوم على تراثي، وكلُّ شيء عند الله بأجل مسمَّى.



قراءة اونلاين لكتاب الورع والزهد

يمكنك الاستمتاع بقراءة كتاب الورع والزهد اونلاين وعلى الموقع الخاص بنا من خلال الضغط على زر قراءة بالاسفل

من خلال صفحة القراءة اونلاين

تحميل كتاب الورع والزهد

كتاب الورع والزهد يمكنك تحميله من خلال الدخول الى صفحه التحميل من

صفحة تحميل كتاب الورع والزهد PDF

او يمكنك التحميل المباشر من خلال الضغط


الابلاغ


يمكنك الابلاغ عن الكتاب بناء على احد الاسباب التاليه
1 - الابلاغ بخصوص حقوق النشر والطباعه
2 - رابط مشاهد او تحميل لا يعمل
وستقوم الادارة بالمراجعه و اتخاذ الاجراءات اللازمه , وفي حالة وجود اي استفسار اخر يمكنك الاتصال بنا