2008م - 1444هـ
ا



لقد أشار الكثير من الباحثين الى أن البشرية قد تعلمت الطب بطرق شتى فمنهم من يقول انه قياس ومنهم من يقول انه تجربة، ومنهم من يقول انه الهامات ومناجاة وحدس صائب ومنهم من يقول أن البشرية قد حاكت البهيمة والحيوان، وأي كان طريق اخذ الطب فانه لايرتقي علماً وممارسة الى الطب الذي اخذ بالوحي والذي لاتصل إليه علوم الناس وتجاربهم وأقيستهم.





ولم يعرف التاريخ غير محمد (صلي الله عليه وسلم ) رجلاً افرغ الله وجوده في الوجود الإنساني كله، لقد علمه الله ما لم يكن يعلم فكان المرآة الساطعة التي انعكست على صفحتها أوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه. (وانزل الله عليك الكتاب والحكمة، وعلمك ما لم تكن تعلم، وكان فضل الله عليك عظيماً) (النساء 113) (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء 107).



وكان رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) قد شرع التداوي وكان يستعمله في نفسه ويأمر به غيره وقد ثبت ان رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) كان يديم التطبيب في حال صحته ومرضه ومن الجدير بالذكر انه لم يكن من هدي الرسول (صلي الله عليه وسلم ) استخدام الأدوية المركبة وكان جل الطب النبوي يعتمد على استخدام الأدوية المفردة وهذا ما مال إليه الطب الحديث اليوم تلافياً من حدوث التضاربات الدوائية.





وكان الرسول (صلي الله عليه وسلم ) يراعي صفات الأطعمة وطبائعها ويراعي استعمالها على قاعدة الطب الغذائي وكان يعدل الغذاء بالغذاء فلا يمزج غذائين يرتفع مستوى محتواهما من عنصر غذائي واحد ويخلوان من عنصر آخر بل كان يجمع من الأغذية ما يمنحهما الجمع تكاملاً غذائياً. وقد استخدم الرسول (صلي الله عليه وسلم ) الدواء بطرق إعطاء شتى، عن طريق الفم ودهناً وغسولاً وحقنةً وحجامةً وكيَا، ولكنه كان لايحب ان يكتوي.



وقد أرسى الرسول (صلي الله عليه وسلم ) أسس الأخلاق الطبية في ممارسة الطب فقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) (من تطبب ولم يكن بالطب معروفاً فأصاب نفساً فما دونها فهو ضامن) وإذ يقسم الطب النبوي الى طب علاجي وطب وقائي وطب غذائي، فان الطب النبوي طباً مرتبطاً بالإيمان والأخلاقيات السماوية، فقد أعار الطب النبوي الجوانب الروحية والأخلاقية حصة كبيرة مع انه ليس محصوراً فيها.



ولضرورة هذا الجانب ولسوء استخدام الطب وكثرة الأمراض النفسية والجسمانية من جانب آخر فان الكثير من المختصين اليوم يدعون لمزج التعاليم الإسلامية بالطب الحديث لخلق خليطا متفرداً من الفن العلاجي. وفي هذا الكتاب جمعنا الاحاديث النبوية الطبية ثم استعرضنا البحوث الطبية والدوائية التي استقصت واوضحت الفعاليات الدوائية للعلاجات النبوية وتركنا للقارئ متعة المقارنة لادراك الاعجاز في الطب النبوي.